فصل: ذكر سَبَب تصنيفه الْجَامِع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تغليق التعليق على صحيح البخاري



.كَلَام أقرانه وَأَتْبَاعه فِيهِ فَمن بعدهمْ:

قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ لم تخرج خُرَاسَان قطّ أحفظ من مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَلَا قدم مِنْهَا إِلَى الْعرَاق أعلم مِنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّد بن حُرَيْث سَأَلت أَبَا زرْعَة عَن ابْن لَهِيعَة فَقَالَ تَركه أَبُو عبد الله وَقَالَ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بعبيد الْعجل الْحَافِظ مَا رَأَيْت مثل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَمُسلم حَافظ وَلَكِن لم يكن يبلغ مبلغ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ وَرَأَيْت أَبَا زرْعَة وَأَبا حَاتِم يستمعان إِلَيْهِ وَكَانَ أمة من الْأَئِمَّة دينا فَاضلا يحسن كل شَيْء وَكَانَ أعلم من مُحَمَّد بن يَحْيَى بِكَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ قد رَأَيْت الْعلمَاء بالحرمين والحجاز وَالشَّام وَالْعراق فَمَا رَأَيْت فيهم أجمع من مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَقَالَ أَيْضا هُوَ أعلمنَا وأفقهنا وأكثرنا طلبا.
وَسُئِلَ الدَّارمِيّ عَن حَدِيث قيل لَهُ إِن البُخَارِيّ صَححهُ فَقَالَ مُحَمَّد أبْصر مني وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل أَكيس خلق الله إِنَّه عقل عَن الله مَا أَمر بِهِ وَنَهَى عَنهُ فِي كِتَابه وَعَلَى لِسَان نبيه إِذا قَرَأَ مُحَمَّد الْقُرْآن شغل قلبه وبصره وسَمعه وتفكر فِي أَمْثَاله وَعرف حرَامه من حَلَاله.
وَقَالَ أَبُو الطّيب حَاتِم بن مَنْصُور مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل آيَة من آيَات الله فِي 4 بَصَره ونفاذه فِي الْعلم.
وَقَالَ أَبُو سهل مَحْمُود بن النَّضر الْفَقِيه دخلت الْبَصْرَة وَالشَّام والحجاز والكوفة وَرَأَيْت علماءها فَكلما جَرَى ذكر مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فضلوه عَلَى أنفسهم.
وَقَالَ أَبُو سهل أَيْضا سَمِعت أَكثر من ثَلَاثِينَ عَالما من عُلَمَاء مصر يَقُولُونَ حاجتنا فِي الدُّنْيَا النّظر إِلَى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
وَقَالَ صَالح بن مُحَمَّد الْحَافِظ الملقب جزرة مَا رَأَيْت خراسانيا أفهم من مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل وَقَالَ كَانَ أحفظهم للْحَدِيث قَالَ وَكنت أستملي لَهُ بِبَغْدَاد فَبلغ من حضر الْمجْلس عشْرين ألفا.
وَسُئِلَ الْحَافِظ الْفضل بن الْعَبَّاس الرَّازِيّ الْمَعْرُوف بِفَضْلِك مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل أحفظ أَو أَبُو زرْعَة فَقَالَ لم أكن التقيت مَعَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فاستقبلني مَا بَين حلوان وبغداد قَالَ فَرَجَعت مَعَه مرحلة وجهدت كل الْجهد عَلَى أَن أجيء بِحَدِيث لَا يعرفهُ فَمَا أمكنني وَأَنا أغرب عَلَى أبي زرْعَة عدد شعره.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الدغولي كتب أهل بَغْدَاد إِلَى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل:
الْمُسلمُونَ بِخَير مَا بقيت لَهُم ** وَلَيْسَ بعْدك خير حِين تفتقد

وَقَالَ إِمَام الْأَئِمَّة أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة مَا تَحت أَدِيم السَّمَاء أعلم بِالْحَدِيث من مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ لم أر أعلم بالعلل وَمَعْرِفَة الْأَسَانِيد من مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَقَالَ لَهُ مُسلم بن الْحجَّاج أشهد أَنه لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مثلك وَلَا يبغضك إِلَّا حَاسِد.
وَقَالَ الْفَقِيه الإِمَام الْحَافِظ أَحْمد بن سيار الْمروزِي فِي تَارِيخ مرو فمحمد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ طلب الْعلم وجالس النَّاس ورحل فِي الحَدِيث وَمهر فِيهِ وَكَانَ حسن الْمعرفَة حسن الْحِفْظ وَكَانَ يتفقه.
وَقَالَ ابْن عدي كَانَ ابْن صاعد إِذا ذكر البُخَارِيّ يَقُول ذَاك الْكَبْش النطاح وَقَالَ أَبُو عَمْرو الْخفاف رَئِيس نيسابور حَدثنَا التقي النقي الْعَالم الَّذِي لم أر مثله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ وَهُوَ أعلم بِالْحَدِيث من أَحْمد وَإِسْحَاق وَغَيرهمَا بِعشْرين دَرَجَة وَمن قَالَ فِيهِ شَيْئا فَعَلَيهِ مني ألف لعنة وَقَالَ أَيْضا لَو دخل من هَذَا الْبَاب لملئت رعْبًا.
وَقَالَ عبد الله بن حَمَّاد الأملي وددت أَنِّي شَعْرَة فِي جَسَد مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
وَقَالَ سليم بن مُجَاهِد مَا رَأَيْت مُنْذُ سِتِّينَ سنة أحدا أفقه وَلَا أورع وَلَا أزهد فِي الدُّنْيَا من مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
وَقَالَ مُوسَى بن هَارُون عِنْدِي لَو أَن أهل الْإِسْلَام اجْتَمعُوا عَلَى أَن ينصبوا مثل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل آخر مَا قدرُوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن سعيد بن جَعْفَر سَمِعت الْعلمَاء بِالْبَصْرَةِ يَقُولُونَ مَا فِي الدُّنْيَا مثل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فِي الْمعرفَة وَالصَّلَاح قَالَ عبد الله وَأَنا أَقُول قولهم.
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس بن عقدَة لَو أَن رجلا كتب ثَلَاثِينَ ألف حَدِيث لما اسْتَغنَى عَن تَارِيخ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي الكنى كَانَ أحد الْأَئِمَّة فِي معرفَة الحَدِيث وَجمعه.
وَلَو قلت إِنِّي لم أر تصنيف أحد يشبه تصنيفه فِي الْحسن وَالْمُبَالغَة رَجَوْت أَن أكون صَادِقا فِي قولي.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَوْلَا البُخَارِيّ لما رَاح مُسلم وَلَا جَاءَ.
وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي تَارِيخه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل إِمَام أهل الحَدِيث بِلَا خلاف أعرفهُ بَين أَئِمَّة النَّقْل إِلَّا من حَاسِد.
وَكَلَام الْعلمَاء وَالْأَئِمَّة فِيهِ قَدِيما وحديثا أَكثر من أَن يُحْصَى وَإِنَّمَا أَشرت بِمَا كتبت هَاهُنَا إِلَى مَا تركت وَالله الْمُوفق.

.ذكر سَعَة حفظه وسيلان ذهنه سُوَى مَا تقدم:

أخبرنَا أَحْمد بن عمر اللؤْلُؤِي فِيمَا قَرَأت عَلَيْهِ عَن الْحَافِظ أبي الْحجَّاج الْمزي أَن يُوسُف بن يَعْقُوب أخبرهُ أَنا أَبُو الْيمن الْكِنْدِيّ أَنا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أَنا أَبُو بكر الْخَطِيب حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي الْحسن الساحلي ثَنَا أَحْمد بن الْحسن الرَّازِيّ سَمِعت أَبَا أَحْمد بن عدي يَقُول سَمِعت عدَّة مَشَايِخ يَقُولُونَ إِن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ قدم بَغْدَاد فَسمع بِهِ أَصْحَاب الحَدِيث فَاجْتمعُوا وعمدوا إِلَى مائَة حَدِيث فقلبوا متونها وأسانيدها وَجعلُوا متن هَذَا الْإِسْنَاد إِسْنَاد آخر وَإسْنَاد هَذَا الْمَتْن لمتن آخر ودفعوها إِلَى عشرَة أنفس لكل رجل عشرَة أَحَادِيث وَأمرُوهُمْ إِذا حَضَرُوا الْمجْلس أَن يلْقوا ذَلِك عَلَى البُخَارِيّ وَأخذُوا الْموعد للمجلس فَحَضَرَ الْمجْلس جمَاعَة من الغرباء من أهل خُرَاسَان وَغَيرهَا وَمن البغداديين فَلَمَّا اطْمَأَن الْمجْلس بأَهْله انتدب رجل من الْعشْرَة فَسَأَلَهُ عَن حَدِيث من تِلْكَ الْأَحَادِيث فَقَالَ البُخَارِيّ لَا أعرفهُ فَمَا زَالَ يلقِي عَلَيْهِ وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى فرغ من عشرته وَالْبُخَارِيّ يَقُول لَا أعرفهُ فَكَانَ الْفُقَهَاء مِمَّن حضر الْمجْلس يلْتَفت بَعضهم إِلَى بعض وَيَقُولُونَ فهم الرجل وَمن كَانَ مِنْهُم غير ذَلِك يقْضِي عَلَى البُخَارِيّ بِالْعَجزِ وَالتَّقْصِير وَقلة الْفَهم ثمَّ إنتدب رجل آخر من الْعشْرَة فَسَأَلَهُ عَن حَدِيث من تِلْكَ الْأَحَادِيث المقلوبة فَقَالَ البُخَارِيّ لَا أعرفهُ فَسَأَلَهُ عَن آخر فَقَالَ لَا أعرفهُ فَلم يزل يلقِي عَلَيْهِ وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى فرغ من عشرته وَالْبُخَارِيّ يَقُول لَا أعرفهُ ثمَّ إنتدب لَهُ الثَّالِث وَالرَّابِع إِلَى تَمام الْعشْرَة حَتَّى فرغوا كلهم من الْأَحَادِيث المقلوبة وَالْبُخَارِيّ لَا يزيدهم عَلَى لَا أعرفهُ فَلَمَّا علم البُخَارِيّ أَنهم قد فرغوا الْتفت إِلَى الأول مِنْهُم فَقَالَ أما حَدِيثك الأول فَهُوَ كَذَا وَصَوَابه كَذَا وحديثك الثَّانِي فَهُوَ كَذَا وَالثَّالِث وَالرَّابِع عَلَى الْوَلَاء حَتَّى أَتَى عَلَى تَمام الْعشْرَة فَرد كل متن إِلَى إِسْنَاده وكل إِسْنَاد إِلَى مَتنه وَفعل بالآخرين مثل ذَلِك ورد متون الْأَحَادِيث كلهَا إِلَى أسانيدها وأسانيدها إِلَى متونها فَأقر النَّاس لَهُ بِالْحِفْظِ وأذعنوا لَهُ بِالْفَضْلِ.
قلت هُنَا نخضع للْبُخَارِيّ فَمَا الْعجب من رده الْخَطَأ إِلَى الصَّوَاب بل الْعجب من حفظه للخطأ عَلَى تَرْتِيب مَا ألقوه عَلَيْهِ من مرّة وَاحِدَة.
وَقد روينَا عَن أبي بكر الكوذاني قَالَ مَا رَأَيْت مثل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل كَانَ يَأْخُذ الْكتاب من الْعلم فَيطلع إِلَيْهِ اطلاعة فيحفظ عَامَّة أَطْرَاف الْأَحَادِيث من مرّة وَاحِدَة وَقد سبق مَا حَكَاهُ حاشد بن إِسْمَاعِيل فِي أَيَّام طَلَبهمْ مَعَه بِالْبَصْرَةِ وَكَونه كَانَ يحفظ مَا يسمع وَلَا يكْتب.
وَقَالَ أَبُو الْأَزْهَر كَانَ بسمرقند أَرْبَعمِائَة مُحدث فتجمعوا وأحبوا أَن يغالطوا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فأدخلوا إِسْنَاد الشَّام فِي إِسْنَاد الْعرَاق وَإسْنَاد الْيمن فِي إِسْنَاد الْحرم فَمَا تعلقوا مِنْهُ بسقطة.
وَقَالَ غُنْجَار فِي تَارِيخه سَمِعت أَبَا الْقَاسِم مَنْصُور بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْأَسدي يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الداغوني يَقُول سَمِعت يُوسُف بن مُوسَى الْمروزِي يَقُول كنت بِالْبَصْرَةِ فِي جَامعهَا أَو سَمِعت مناديا يُنَادي يَا أهل الْعلم لقد قدم مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ فَقَامُوا فِي طلبه وَكنت مَعَهم فَرَأَيْنَا رجلا شَابًّا لم يكن فِي لحيته بَيَاض فَصَلى خلف الأسطوانة فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة أَحدقُوا بِهِ وسألوه أَن يعْقد لَهُم مجْلِس الْإِمْلَاء فأجابهم إِلَى ذَلِك فَقَامَ الْمُنَادِي ثَانِيَة فَنَادَى فِي جَامع الْبَصْرَة لقد قدم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فَسَأَلْنَاهُ بِأَن يعْقد مجْلِس الْإِمْلَاء فَأجَاب بِأَن يجلس غَدا فِي مَوضِع كَذَا فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاة حضر الْفُقَهَاء والمحدثون والحفاظ والنظارة حَتَّى اجْتمع قريب من كَذَا وَكَذَا ألف نَفْس فَجَلَسَ أَبُو عبد الله للإملاء فَقَالَ قبل أَن يَأْخُذ فِي الْإِمْلَاء يَا أهل الْبَصْرَة أَنا شَاب وَقد سَأَلْتُمُونِي أَن أحدثكُم وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِأَحَادِيث عَن أهل بلدكم تستفيدونها يَعْنِي لَيست عنْدكُمْ قَالَ فتعجب النَّاس من قوله فَأخذ فِي الْإِمْلَاء فَقَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة بن رواد الْعَتكِي بلديكم ثَنَا أبي عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور وَغَيره عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن أنس بن مَالك: «أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول الله الرجل يحب الْقَوْم» الحَدِيث ثمَّ قَالَ هَذَا لَيْسَ عنْدكُمْ إِنَّمَا عنْدكُمْ من غير مَنْصُور قَالَ يُوسُف بن مُوسَى وأملى عَلَيْهِم مَجْلِسا عَلَى هَذَا النسق فَيَقُول فِي كل حَدِيث رَوَى فلَان هَذَا الحَدِيث عنْدكُمْ كَذَا وَأما من رِوَايَة فلَان يَعْنِي الَّتِي يَسُوقهَا فَلَيْسَتْ عنْدكُمْ.
وَقَالَ حَمْدَوَيْه بن الْخطاب لما قدم البُخَارِيّ قَدمته الْأَخِيرَة من الْعرَاق وتلقاه من تَلقاهُ من النَّاس وازدحموا عَلَيْهِ وبالغوا فِي بره فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ كَيفَ لَو رَأَيْتُمْ يَوْم دخولنا الْبَصْرَة.
أنبئت عَن أبي نصر بن الشِّيرَازِيّ عَن جده أَن الْحَافِظ أَبَا الْقَاسِم بن عَسَاكِر أخبرهُ أَنا إِسْمَاعِيل بن أبي صَالح.
(ح) وقرأته عَالِيا عَلَى أبي بكر الفرضي عَن الْقَاسِم بن المظفر أَنا عَلِيّ بن الْحُسَيْن عَن الْحَافِظ أبي الْفضل بن نَاصِر وَأبي الْفضل الميهني قَالَا: أَنا أبوبكر بن خلف قَالَ ابْن نَاصِر إجَازَة أنا الحاكم حَدثنِي أَبُو سعيد أَحْمد بن مُحَمَّد النسوي حَدثنِي أَبُو حسان مهيب بن سليم سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ اعتللت بنيسابور عِلّة خَفِيفَة وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان فعادني إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي نفر من أَصْحَابه فَقَالَ لي أفطرت يَا أَبَا عبد الله فَقلت نعم فَقَالَ خشيت أَن تضعف عَن قبُول الرُّخْصَة فَقلت أَنا عَبْدَانِ عَن ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج قَالَ قلت لعطاء من أَي الْمَرَض أفطر فَقَالَ من أَي مرض كَانَ كَمَا قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا} قَالَ البُخَارِيّ لم يكن هَذَا عِنْد إِسْحَاق قلت هَذَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن ابْن جريج أَيْضا وَلَعَلَّه فَاتَ إِسْحَاق.
وَقَالَ مُحَمَّد بن أبي حَاتِم وراق البُخَارِيّ سمعته يَقُول لَو نشر بعض إسنادي لم يفهموا كَيفَ صنفت التَّارِيخ وَلَا عرفوه ثمَّ قَالَ صنفته ثَلَاث مَرَّات.
وَقَالَ أَحْمد بن أبي جَعْفَر وَالِي بُخَارَى قَالَ لي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَوْمًا رب حَدِيث سمعته بِالْبَصْرَةِ كتبته بِالشَّام وَرب حَدِيث سمعته بِالشَّام كتبته بِمصْر فَقلت لَهُ يَا أَبَا عبد الله بِتَمَامِهِ فَسكت.
وَقَالَ سليم بن مُجَاهِد قَالَ لي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل لَا أجيء بِحَدِيث عَن الصَّحَابَة أَو التَّابِعين إِلَّا عرفت مولد أَكْثَرهم ووفاتهم ومساكنهم وَلست أَدْرِي حَدِيثا من حَدِيث الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ يَعْنِي من الْمَوْقُوفَات إِلَّا ولي فِي ذَلِك أصل احفظه حفظا عَن كتاب الله وَسنة رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن عَاصِم البيكندي قدم علينا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فَقَالَ لَهُ رجل من أَصْحَابنَا سَمِعت إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه يَقُول كَأَنِّي أنظر إِلَى سبعين ألف حَدِيث من كتابي فَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل أَو تعجب من هَذَا لَعَلَّ فِي هَذَا الزَّمَان من ينظر إِلَى مِائَتي ألف حَدِيث من كِتَابه وَإِنَّمَا عَنى نَفسه.
وَقَالَ مُحَمَّد بن حَمْدَوَيْه سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول أحفظ مائَة ألف حَدِيث صَحِيح وأحفظ مِائَتي ألف حَدِيث غير صَحِيح.
وَقَالَ لَهُ وراقة تحفظ جَمِيع مَا أدخلت فِي المُصَنّف فَقَالَ لَا يخْفَى عَلِيّ جَمِيع مَا فِيهِ وصنفت جَمِيع كتبي ثَلَاث مَرَّات.
قَالَ وَبَلغنِي أَنه شرب البلاذر فَسَأَلته حلوة هَل من دَوَاء للْحِفْظ فَقَالَ لَا أعلم ثمَّ أقبل عَلِيّ فَقَالَ لَا أعلم شَيْئا أَنْفَع للْحِفْظ من نهمة الرجل ومداومة النّظر.
وَقَالَ أَقمت بِالْمَدِينَةِ بعد أَن حججْت سنة جرداء أكتب الحديث قَالَ وأقمت بِالْبَصْرَةِ خمس سِنِين معي كتبي أصنف وأحج فِي كل سنة وأرجع من مَكَّة إِلَى الْبَصْرَة قَالَ وَأَنا أَرْجُو أَن الله تَعَالَى يُبَارك للْمُسلمين فِي هَذِه المصنفات وَعَن البُخَارِيّ قَالَ تذكرت يَوْمًا أَصْحَاب أنس فحضرني فِي سَاعَة ثَلَاثمِائَة نَفْس وَمَا قدمت عَلَى شيخ إِلَّا كَانَ انتفاعه بِي أَكثر من انتفاعي بِهِ.
وَقَالَ وراقة عمل كتابا فِي الْهِبَة فِيهِ نَحْو خَمْسمِائَة حَدِيث وَقَالَ لَيْسَ فِي كتاب وَكِيع فِي الْهِبَة إِلَّا حديثان مسندان أَو ثَلَاثَة وَفِي كتاب ابْن الْمُبَارك خَمْسَة أَو نَحوه.
وَقَالَ وراقه سمعته يَقُول مَا نمت البارحة حَتَّى عددت كم أدخلت فِي تصانيفي من الحَدِيث فَإِذا نَحْو مِائَتي ألف وَقَالَ أَيْضا لَو قيل لي شَيْء لما قُمْت حَتَّى أروي عشرَة الآف حَدِيث فِي الصَّلَاة خَاصَّة وَقَالَ مَا جَلَست للتحديث حَتَّى عرفت الصَّحِيح من السقيم وَحَتَّى نظرت فِي كتب أهل الرَّأْي وَمَا تركت بِالْبَصْرَةِ حَدِيثا إِلَّا كتبته.
قَالَ وسمعته يَقُول لَا أعلم شَيْئا يحْتَاج إِلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ فِي الْكتاب وَالسّنة قَالَ فَقلت لَهُ يُمكن معرفَة ذَاك قَالَ نعم.
وَقَالَ أَحْمد بن حمدون الْحَافِظ رَأَيْت البُخَارِيّ فِي جَنَازَة وَمُحَمّد بن يَحْيَى الذهلي يسْأَله عَن الْأَسْمَاء والعلل وَالْبُخَارِيّ يمر فِيهِ مثل السهْم كَأَنَّهُ يقْرَأ: {قل هُوَ الله أحد}.

.ذكر سَبَب تصنيفه الْجَامِع:

قَرَأت عَلَى أَحْمد بن عمر اللؤْلُؤِي عَن الْحَافِظ أبي الْحجَّاج الْمزي أَن يُوسُف بْن يَعْقُوب أخبرهُ أَنا أَبُو الْيمن الْكِنْدِيّ أَنا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أَنا الْخَطِيب أَخْبرنِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب أَنا مُحَمَّد بن نعيم سَمِعت خلف بن مُحَمَّد البُخَارِيّ ببخارى يَقُول سَمِعت إِبْرَاهِيم بن معقل النَّسَفِيّ يَقُول قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ كنت عِنْد إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فَقَالَ لنا بعض أَصْحَابنَا لَو جمعتم كتابا مُخْتَصرا لسنن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَوَقع ذَلِك فِي قلبِي فَأخذت فِي جمع هَذَا الْكتاب يَعْنِي الصَّحِيح.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن معقل سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَقُول مَا أدخلت فِي كتاب الْجَامِع إِلَّا مَا صَحَّ وَتركت من الصِّحَاح كي لَا يطول الْكتاب.
أنبئت عَن غير وَاحِد عَن جَعْفَر بن عَلِيّ أَن السلَفِي أخبرهُ أَنا الرَّازِيّ أَنا عبد الله بن الْوَلِيد ثَنَا أَحْمد بن الْحسن بن بنْدَار ثَنَا ابْن عدي سَمِعت الْحسن بن الْحُسَيْن الْبَزَّار يَقُول سَمِعت إِبْرَاهِيم بن معقل يَقُول ذَلِك.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن فَارس سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول رَأَيْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنني وَاقِف بَين يَدَيْهِ وَبِيَدِي مروحة أذب عَنهُ فَسَأَلت عَنهُ بعض المعبرين فَقَالَ لي أَنْت تذب عَنهُ الْكَذِب فَهُوَ الَّذِي حَملَنِي عَلَى إِخْرَاج الصَّحِيح.
وَقَالَ أَبُو الْفضل بن طَاهِر الْحَافِظ كَانَ البُخَارِيّ عمل قبل كتاب الصَّحِيح كتابا يُقَال لَهُ الْمَبْسُوط وَجمع فِيهِ جَمِيع حَدِيثه عَلَى الْأَبْوَاب ثمَّ نظر إِلَى أصح الحَدِيث عَلَى مَا يرسمه فَأخْرجهُ بِجَمِيعِ طرقه فَرُبمَا صَحَّ الحَدِيث عِنْده من طرق فَأخْرجهُ بِجَمِيعِ طرقه فَلَو أخرج طَرِيقا وَاحِدًا مِنْهَا لاستدرك عَلَيْهِ الثَّانِي وَلَو أخرجهَا كلهَا فِي مَوْضُوع وَاحِد احْتَاجَ فِي الْبَاب الآخر إِلَى حَدِيث مُوَافق للْمعنى الَّذِي سطر لَهُ الْبَاب فَكَأَنَّهُ رَأَى أَن يوردها عَلَى الْمعَانِي الَّتِي فِيهَا فِي كل باب يدْخل ذَلِك الحَدِيث فِيهِ قَالَ وَعِنْدِي أَن إِعَادَته الحَدِيث مِمَّا يدل عَلَى فَضله وفقهه وَكَثْرَة حَدِيثه فَإِنَّهُ يسْتَخْرج من الحَدِيث الْوَاحِد الْمعَانِي الْكَثِيرَة الْفِقْهِيَّة ثمَّ يسْتَدلّ بِكُل مَعْنَى فِي باب بِإِسْنَاد آخر بِالْحَدِيث عَن شيخ عَن غير الشَّيْخ الَّذِي حدث بِهِ فِي الْبَاب الْمُتَقَدّم وَقل مَا يُورد فِي كِتَابه حَدِيثا فِي موضِعين بِإِسْنَاد وَاحِد وَلَفظ وَاحِد وَإِنَّمَا يكرره عَلَى هَذِه الْقَاعِدَة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم الْكشميهني سَمِعت مُحَمَّد بن يُوسُف الْفربرِي يَقُول قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ مَا وضعت فِي كتاب الصَّحِيح حَدِيثا إِلَّا اغْتَسَلت قبل ذَلِك وَصليت رَكْعَتَيْنِ.
وَقَالَ البُخَارِيّ صنفت الصَّحِيح فِي سِتّ عشرَة سنة وخرجته من سِتّمائَة ألف حَدِيث وَجَعَلته حجَّة فِيمَا بيني وَبَين الله وَفِي رِوَايَة عَنهُ خرجته من زهاء سِتّمائَة ألف حَدِيث.
وَقَالَ أَبُو سعد الإدريسي أَنا سُلَيْمَان بن دَاوُد المهروي سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد بن حَامِد بن هَاشم يَقُول قَالَ عمر بن مُحَمَّد بن بجير سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَقُول صنفت كتابي الْجَامِع فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا أدخلت فِيهِ حَدِيثا حَتَّى استخرت الله تَعَالَى وَصليت رَكْعَتَيْنِ وتيقنت صِحَّته.
قَالَ ابْن طَاهِر الْأَصَح أَنه صنفه ببخارى.
قلت قد تقدم عَنهُ أَنه صنفه فِي سِتّ عشرَة سنة فَيحمل أَنه كَانَ يصنفه فِي الْبِلَاد الَّتِي يرحل إِلَيْهَا فَلَا تنَافِي بَين الْقَوْلَيْنِ.
وَقَالَ الْفربرِي سَمِعت وراق البُخَارِيّ يَقُول رَأَيْت البُخَارِيّ فِي الْمَنَام خلف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي فَكلما رفع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدمه وضع أَبُو عبد الله قدمه فِي ذَلِك الْموضع.
أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ عَن يُوسُف بن أبي الزهر الْحَافِظ أَن أَبَا الْفَتْح الشَّيْبَانِيّ أخبرهُ أَنا زيد بن الْحسن أَنا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد أَنا أَحْمد بن عَلِيّ الْحَافِظ أَنا أَبُو سعد الْمَالِينِي أَنا أَبُو أَحْمد بن عدي سَمِعت الْفربرِي يَقُول سَمِعت نجم بن فُضَيْل وَكَانَ من أهل الْفَهم يَقُول رَأَيْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَام خرج من قَرْيَة وَالْبُخَارِيّ يمشي خَلفه فَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا خطا خطْوَة يخطو مُحَمَّد وَيَضَع قدمه عَلَى خطْوَة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَبِه إِلَى أَحْمد بن عَلِيّ قَالَ كتب إِلَى عَلِيّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْجِرْجَانِيّ من أَصْبَهَان أَنه سمع أَبَا مُحَمَّد بن مكي يَقُول سَمِعت الْفربرِي يَقُول رَأَيْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النّوم فَقَالَ لي أَيْن تُرِيدُ فَقلت أُرِيد مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ فَقَالَ أقرئه مني السَّلَام.
قَرَأنَا عَلَى فَاطِمَة وَعَائِشَة ابْنَتي الْمُحْتَسب مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي بصالحية دمشق أخْبركُم أَحْمد بن أبي طَالب عَن عبد الله بن عمر بن عَلِيّ أَن أَبَا الْوَقْت أخبرهُ أَنا شيخ الْإِسْلَام أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ أَنا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْهَرَوِيّ سَمِعت خَالِد بن عبد الله الْمروزِي الْفَقِيه يَقُول سَمِعت أَبَا سهل مُحَمَّد بن أَحْمد الْمروزِي يَقُول سَمِعت أَبَا زيد الْمروزِي الْفَقِيه يَقُول كنت نَائِما بَين الرُّكْن وَالْمقَام فَرَأَيْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَام فَقَالَ لي يَا أَبَا زيد إِلَى مَتى تدرس كتاب الشَّافِعِي وَلَا تدرس كتابي فَقلت يَا رَسُول الله وَمَا كتابك قَالَ جَامع مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
قلت إِسْنَاد هَذِه الْحِكَايَة صَحِيح ورواتها ثِقَات أَئِمَّة وَأَبُو زيد من كبار الشَّافِعِيَّة لَهُ وَجه فِي الْمَذْهَب وَقد سمع صَحِيح البُخَارِيّ من الْفربرِي وَحدث بِهِ عَنهُ وَهُوَ أجل من حدث بِهِ عَن الْفربرِي.
وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ مَا فِي هَذِه الْكتب كلهَا أَجود من كتاب مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل.
وَقَالَ الْعقيلِيّ لما ألف البُخَارِيّ كتاب الصَّحِيح عرضه عَلَى عَلِيّ بن الْمَدِينِيّ وَأحمد بن حَنْبَل وَيَحْيَى بن معِين وَغَيرهم فاستحسنوه وشهدوا لَهُ بِالصِّحَّةِ إِلَّا أَرْبَعَة أَحَادِيث قَالَ الْعقيلِيّ وَالْقَوْل فِيهَا قَول البُخَارِيّ وَهِي صَحِيحَة.